رواية مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد

موقع أيام نيوز

و سهل الأمور. 
تمام... أنا أصلا هددته إنه لو معملش المطلوب منه ينسى منصبه في العمليات الخاصة. 
ضحكت السيدة تيسير بشدة ثم قالت 
و الله كأننا بنسايس طفل صغير يا سامي بيه.. ربنا يهديه و يقدرني على المهمة الصعبة دي. 
ان شاء الله يا هانم... أنا كنت متأكد إنك
هترحبي بجوازه من ندى عشان كدا كلمت حضرتك. 
ربنا يقدم اللي فيه الخير سامي باشا. 
و نعم بالله يا هانم... في رعاية الله. 
أغلقت السيدة تيسير الهاتف و هي تتنهد بقلق لقد اشتاقت لتلك الصغيرة التي كانت تعشقها و تأثرت كثيرا لرحيلها فرغم أن أدهم لم يلتفت إليها يوما و لا حتى يتذكر ملامحها إلا أنها تمنتها له كثيرا في دعائها و صلواتها و ها قد حان لدعائها أن يستجاب.
أما على الجهة الأخرى... 
كان أنور متوترا للغاية لا يدري من أين يبدأ الحديث مع ابنته يعلم جيدا أنها سوف تفرح بخبر زواجها من أدهم و لكن ليس بهذه الطريقة الغريبة. 
طرق باب غرفتها فأذنت له بالدخول و من ثم فتح الباب فوجدها تغلق مصحفها بعدما أتمت حفظ الآيات التي كانت ترتلها اليوم فابتسم بفخر على هدية زوجته له فلولاها ما كانت ندى على تلك الشاكلة فهذا كله حصاد ما زرعته أمها فيها. 
جلس بجوارها بالفراش ثم قبل رأسها قائلا 
ربنا يباركلي فيكي يا حبيبتي و يثبتك. 
ردت له البسمة متمتمة 
و يباركلي فيك يا حبيبي و يخليك ليا. 
أخذ يمسد على رأسها قليلا ثم بدأ حديثه بجدية 
ندى انتي طبعا عارفه إن شغلي و عصابة الماڤيا اللي كنت مكلف بمراقبتها هما السبب في مۏت والدتك الله يرحمها و ان أنا و انتي ربنا نجانا من الحاډثة المدبرة بأعجوبة... و الحقيقه إن.... إن نفس الكرة بتتعاد تاني اليومين دول و بتجيلي تهديدات من نفس العصابة.. و أنا معنديش استعداد أخسرك انتي كمان يا قلبي.. انتي مالكيش ذنب في كل دا و... 
أخذت دموعها في الهطول بغزارة و هي تسمع مأساة جديدة لم يكد يستفيقا من مثلها و قاطعته قائلة بهلع 
يعني ايه يا بابا.. انت كمان هتسيبني!.. مش كفاية ماما... انت كمان.. انت كمان.. 
أخذت تردد تلك الكلمات بطريقة هيستيرية بينما أبوها قام باحتضانها بشدة يحتوي نوبة بكائها الحاد و هو يربت على ظهرها و يقول 
لا يا ندى مش هسيبك يا حبيبتي... أنا بس خاېف عليكي انتي اللي ټتأذي و تسيبيني.. عشان كدا اتكلمت مع القيادة في مصر و هما اتصرفوا و لاقولنا حل للأزمة دي. 
رفعت رأسها لتناظره بأمل قائلة 
حل ايه يا بابا طمني. 
انتي فاكرة طبعا أدهم برهام ابن أونكل برهام و طنط تيسير... ما انا دايما بحكيلك عنه و عن شطارته و انه دايما بيفكرني بنفسي أيام ما كنت في سنه.. 
هزت رأسها بالإيجاب بعدما استطاع أن يسرق انتباهها بسيرته فاسترسل قائلا بكذب 
هو كلم اللوا سامي صديقي و طلبك للجواز عشان يقدر يحميكي و تعيشي معاهم في البيت بصفتك زوجته و بكدا هتبعدى عن مصدر الخطړ اللي بيهددنا هنا في نيويورك و في نفس الوقت هتعيشي في مصر وسط ناس بتحبك.. هتعيشي معززة مكرمة و مرفوعة الراس. 
رفعت رأسها تناظره بعيون ملتمعة ببريق الأمل و هي تقول 
هو في كدا يا بابا!.. هيتجوزني عشان عايز يحميني بس! 
حمحم و هو يزدرد لعابه بصعوبة ثم استرسل بكذب 
لا طبعا يا حبيبتي... أدهم معجب بيكي من زمان و لما عرف أنك لازم ترجعي مصر طلبك للجواز فورا... هو كان مستني الفرصة دي من زمان.. و منها تكوني في حمايته. 
ظهر شبح ابتسامة خجلى على ثغرها سرعان ما أخفتها و هي تقول
حضرتك متأكد يا بابا!...أنا مستحيل أفرض نفسي على حد.
أسرع قائلا
لا يا حبيبتي لا سمح الله... دا انتي تاج على راسي و استحالة أحطك في الموقف دا.. 
بعد الكثير من الحديث و التعهد بالعودة إليها في مصر حين تستقر الأمور وافقت ندى على مضض فشطر قلبها سعيد بزواجها ممن عشقته و الشطر الثاني يخشى فراق أبيها و عدم رؤيته مرة أخرى. 
بينما أنور انفطر قلبه عليها و تمزقت نياطه لكذبه و خداعه الغاشم لها و لكن انكسار خاطرها فيما بعد أهون عليه من فقدانها للأبد فلا بد و أن أدهم سيجبر ما سينكسر و سيحميها بكل ما أوتي من قوة طالما أنهت أصبحت تحمل إسمه.
عاد أدهم لمكتبه و أذنيه تطلقان نيران من الڠضب و ارتمى على أقرب كرسي بإهمال و عشرات الأفكار تكاد تعصف برأسه بعد قليل انفتح الباب دون استئذان ليدخل اليه صديقه المقرب و زميله آسر سعيد ليرمقه باستنكار هاتفا به 
مش تخبط يا حيوان قبل ما تدخل... ايه داخل زريبة. 
جلس آسر قبالته ببرود متجاهلا توبيخه فيبدو أنه معتاد على ذلك ثم قال ببرود 
مالك يا باشا!.. شكل أمك غلط ليه! 
ملكش دعوة بأمي يلا و خليك في حالك. 
تجاهل توبيخه للمرة الثانية ثم قال ساخرا 
ايه يا روميو!.. العروسة مزعلاك ولا ايه! 
لوى شفتيه لجانب فمه بتهكم مرير ثم قال بنبرة مهمومة 
عروسة!... العروسة خلاص بح. 
اتسعت عيني آسر پصدمة مصطنعة و هو يقول 
العروسة بح!... انت بتهزر. 
رمقه أدهم بنظرة حاړقة هاتفا به بحدة 
انت هتستعبط يلا!.. فاكرني مش فاهم ان سامي بيه اللي بعتك ليا عشان تقنعني! 
رمقه ببسمة واثقة و هو يقول 
حلو... قصرت عليا الطريق يا برهام يا صغير. 
نظر أدهم له من جانب عينه ثم عاد لينظر أمامه مسترسلا بضيق 
نقطني بسكاتك يا آسر مش عايز اسمع أي حاجة. 
ضحك آسر و هو يقول 
أخيرا احترمتني و نادتني باسمي.. 
مال عليه و هو يقول بغيظ 
تصدق يلا انت اللي زيك مايليقش عليه الاحترام. 
أخذ آسر يهز رأسه بالنفي و هو يقول باشمئزاز 
أنا مش عارف ايه اللي مصبرني على تقل دمك يا أخي.
وضع هاتفه على مكتب صديقه ثم نهض من كرسيه متجها الى ذلك الركن الصغير الذي يحوي مستلزمات صنع الشاي و القهوة ثم شرع في اعداد كوبين من الشاي و هو يقول بمرح
بزمتك يا دومي هتلاقي صاحب جدع يدلعك و يعملك شاي زيي فين.
التوى فمه بسخرية مجيبا
مستغنيين عن خدماتك ياخويا..
لم يكد يرد آسر حتى صدح رنين هاتفه فسأله آسر
مين اللي بيتصل!
نظر أدهم في شاشة الهاتف ليقول بتهكم
قلبك.
أخذ آسر لحظات حتى استوعب هوية المتصل ثم قال بضيق
أبو تقل دمك يلا...هات..
ناوله أدهم الهاتف و هو يضحك فقال آسر و هو يصب الشاي بالكوب
خود ياخويا اطفح بالسم الهاري...و هسيبك بقى مع أفكارك السودة و اروح أكلم قلبي.
أخذ منه كوب الشاي بحذر ثم اتجه آسر مغادرا فقذفه أدهم بأحد أقلامه مرددا بغيظ
غور ياض مشوفش وشك هنا تاني.
ضحك آسر و هو يغلق الباب فأدهم هو الشخص الوحيد الذي يتقبل منه أي كلام و مزاح فهو بالنسبة له أخوه الذي لم تنجبه أمه و يحبه و ېخاف عليه و كأنه قطعة منه.
حين عاد إلى مكتبه أعاد آسر الاتصال بحبيبته و خطيبته و المسجلة على هاتفه بإسم قلبي.. 
صباح الورد يا قلبي... مال صوتك حاجة حصلت ولا ايه! 
مودة تعبت امبارح باليل و أنا بايتة معاها في المستشفى... قولت اعرفك عشان متزعلش. 
تعبت
تم نسخ الرابط