رواية مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد

موقع أيام نيوز

مع السلامة
مع السلامة يا باشا اتفضل. 
أغلق الخط ثم تنفس الصعداء لأول مرة يتحدث مع شخص بكل هذا التحفظ و التوتر.. و لكن لأجلها يتحمل الصعب مادام سينعم بنيلها. 
أخذ يخلل أصابعه في خصلات شعره بشرود و هو يتأمل السماء بنجومها المتلئلئة...مابال الشرود و الحزن يلازمنه منذ دق قلبه بحبها.. للأسف لقد مال قلبه لها في الوقت الخطأ. 
فتح هاتفه بعدما فكر في الاتصال بنرمين يمهد لها أمر انفصالهما و بعد تفكير طويل حسم أمره بالتحدث اليها... 
في تلك الأثناء كانت جالسة بفراش الزوجية تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بملل عبر هاتفها الثمين لتتفاجئ برقم معتصم يضيئ شاشة هاتفها فاتسعت ابتسامتها باشتياق بالغ و فتحت الخط.... 
و حينها أتاه صوتها الملهوف. 
ألو.. ازيك يا نرمين عاملة ايه! 
يااااه يا معتصم!.. لسة فاكر ان ليك زوجة اسمها نرمين!
أخذ يركل حبات الحصى بقدمه 
معلش يا نرمين كنت مشغول جدا الايام اللي فاتت.. 
اتكأت بكوعها على الوسادة لتجيبه بدلال 
ماشي يا حبيبي انت عارف اني مبعرفش ازعل منك... طمني عليك عامل ايه 
تنهد تنهيدة عميقة ثم أجابها 
أنا كويس الحمد لله.. 
وحشتني اوى اوى يا معتصم... مستنية أشوفك بفارغ الصبر
سكت و لم يستطع أن يرد... فاسترسلت بمزيد من الهيام 
وحشني حضنك و نفسي اترمي فيه... كل حاجة فيك وحشاني.. كل يوم بكون عايزة اكلمك بس بخاف تزعل مني. 
سكت يأخذ نفسا عميقا و الشعور بالذنب يتفاقم بداخله كلما تحدثت بالمزيد.. سألها بنبرة هادئة يملأها الشجن 
حبتيني امتى يا نرمين 
ابتسمت بحالمية ثم أجابته بعشق جامح 
من أول شهر في جوازنا...
ليه 
تنهدت بعمق ثم قالت 
بدأت أقارن بينك و بين عادل الله يرحمه في كل حاجة.. اكتشفت اني كان فايتني كتير اوي و انا معاه.. و انت عيشتني احاسيس عمري ما حسيتها معاه.. لحد ما وقعت في حبك لدرجة الادمان.. بس خۏفت أحسسك بكدا عشان متبعدش عني. 
بدأت نبرته تحتد بجدية 
بس دا مكانش اتفاقنا. 
تجهمت ملامحها بحزن ثم قالت 
عارفة.. بس حصل ڠصب عني.
أجابها بنبرة جادة قاټلة 
بس أنا محبتكيش يا نرمين. 
شعرت كأنه غرس خنجرا في قلبها و لكنها تظاهرت باللامبالاة 
مش مهم.. مسيرك هتحبني عاجلا ام آجلا. 
فات خمس سنين من جوازنا و محبتكيش.. معقول ممكن احبك بعد السنين دي كلها! 
قطبت جبينها باستغراب و أحست بوجود خطبا ما 
في ايه يا معتصم!.. اول مرة تتكلم معايا في الموضوع دا.. بقالي فترة بلمحلك بحبي ليك و انت كل مرة بتصدني.. بس مفيش مرة ناقشتني بالطريقة دي. 
زفر أنفاسه بضيق بالغ ثم احتدت نبرته بانفعال 
عشان مش عايزك تتعلقي بحبال الهوا الدايبة...عايزك تفتكري دايما اننا اتفقنا على ان جوازنا للمصلحة مش اكتر من كدا و ان من حقي اني اتجوز بنت مناسبة ليا من كل النواحي. 
تجهمت ملامحها پغضب و لكنها حاولت أن تتحدث بنبرة طبيعية لتقول 
و انا امتى كنت عارضتك في كدا.. اظن انت اللي مش حابب تتجوز.. ببساطة كدا عشان انا مكفياك. 
انتفخت اوداجه پغضب جامح لهيتف بها و هو يصتك فكيه بغيظ 
عاجباني ثقتك في نفسك دي.. بس للأسف انتي فاهماني غلط. 
فهمني انت الصح يا معتصم. 
هفهمك... بس مش هينفع في التليفون.. لما ارجع هفهمك كل اللي انتي عايزة تفهميه.. سلام.. 
لم يترك لها الفرصة للرد فقد أغلق الخط في الحال.. 
أخذ يعتصر قبضتيه پغضب بالغ فقد استطاعت استثارة عصبيته و تعكير صفوه و ندم أن تحدث اليها من الأساس... فلماذا يمهد لها!.. الأمر بيده ان أراد الاستمرار معها استمر و ان لم يرد فليطلقها بدون سرد الأسباب و المبررات..
بينما هي ألقت بالهاتف على الفراش بعصبية ثم أخذت تحدث نفسها بشك 
يا ترى في ايه يا معتصم و ايه مناسبة المكالمة دي!... حب جديد دا ولا ايه يا ابن الصعيدي!
تحاول فتح جفنيها و لكنهما ثقيلان للغاية.. تفتح فمها تحاول نطق اسمه تناديه لعله يساعدها على النهوض و لكن صوتها يأبى أن يتخطى حنجرتها لتستسلم لتلك الغيمة مرة أخرى لتغوص بها لعلها تراه هناك في ذلك الحلم الذي تعيش فيه حرفيا.. تراه يفتح لها ذراعيه و هي تقف بعيدا بفستانها الوردي لتتسع بسمتها و تركض اليه مستجيبة لنداء ذراعيه و ترتمي بأحضانه فيحملها و يدور بها في مكانه و هي تضحك بملئ فمها و تهتف به من بين ضحكاتها 
براحة يا آسر.. هتوقعني... لا يا آسر هتوقعني بجد..
حينما لاحظت الممرضة الألمانية المسؤلة عن حالتها أنها تحاول فتح عينيها و تحرك يديها سجلت ذلك في ملاحظاتها التمريضية ثم قامت بالاتصال بالدكتور رؤف تبلغه بتطور درجة وعي المړيضة. 
لم ېكذب خبرا و قام فورا بفحصها فوجد أنها بالفعل تحاول فتح عينيها عند مناداة اسمها الأمر الذي يبشر بتحسن كبير و استجابة جيدة لبروتوكول العلاج..
و بعدها قام باستدعاء محمد والد مودة ليبلغه بآخر تطورات الحالة الصحية لها الأمر الذي أثار سروره البالغ و خر ساجدا شكرا لله.
قضى أدهم تلك الليلة ساهرا مع عائلته يودعهم استعدادا لرحيله و غيابه عنهم لأسبوعين كاملين حتى انتصف الليل فأشفقت عليه أمه و نصحته بالخلود للنوم حتى يستطيع الاستيقاظ مبكرا للسفر. 
مد يده لندى لتعطيه يدها تحتضن يده ثم نهضت ليدلفا سويا الى غرفته.. 
دلفت ندى أولا لتجد هاتفها يرن برقم أبيها و يبدو أنه اتصل بها عدة مرات و لم تسمعه.... 
أدهم أنا هروح أكلم بابا في قوضتي من اللاب فيديو كول.. 
أومأ عدة مرات 
تمام.. ابقي سلميلي عليه كتير. 
ابتسمت بود قائلة 
حاضر... عن اذنك. 
سارت نحو الباب فاستوقفها ﻤناديا 
ندى 
اممم
أنا هنام عشان هصحى بدري... و لما تخلصي ابقي تعالي نامي مكانك هنا.. متناميش في قوضتك.. 
هزت رأسها عدة مرات و هي تبتسم بحالمية و لم يسعفها عقلها لقول شيئ ثم استدارت لتغادر الغرفة على مضض... فلولا اشتياقها لأبيها و قلقها عليه لما تركته تلك الليلة بالذات. 
بينما أدهم شعر بالاحباط فقد كان يخطط لأن ينام الليلة و هي بين ذراعيه معبرا لها عن حبه و اشتياقه لها... فلا يعلم ان كان سيعود من تلك السفرة سالما أم لا!.. 
اعتلى فراشه ثم جلس به فابتسم بحالمية و هو يفكر... هل هذا إذن هو الحب الذي كان دوما يتسائل عنه و عن كيفية الشعور به!.. هل كان قلبه حجرا إذن قبل أن يلين هياما بها! 
كان يتعجب من صديقه آسر حين يرى تبدل حاله حين يتحدث الى حبيبته الراحلة..كان دائما يتسائل هل الحب يبدل الأحوال هكذا!...الى أن رأى بأم عينيه غرقه اللامحدود في عشقها و في كل تفاصيلها صغيرة كانت او كبيرة..
استيقظ أدهم في تمام السادسة صباحا ليجد الفراش خاليا فظن أنها قد نامت بغرفتها فهو لم يشعر بأي شيئ حين غفى على وسادته حتى استيقظ على صوت المنبه. 
نهض و هو يردد أذكار الاستيقاظ ثم دلف المرحاض ليأخذ حمامه الصباحي و يتوضأ و يصلي الصبح.. 
أنهى صلاته ثم ارتدى ملابس غير رسمية ليسافر بها كانت عبارة عن بنطال جينز اسود و قميص أبيض مجسم و شمر كمه حتى منتصف ساعديه ثم مشط شعره و نثر عطره و نوى الخروج لكي يودع أمه و أخته و ندى ان كانت مستيقظة. 
لم يكد يفتح الباب حتى
تم نسخ الرابط