رواية مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
ثم قالت
على ما تغير هدومك هكون جهزت العشا.
رد عليها بتعب
لا أنا مش هتعشى دلوقتي... عندي مشوار كدا هخلصه و لما ارجع هبقى اتعشى... انا داخل اخد شاور..
هزت رأسها باحباط... فهي كانت تتطلع لتناول العشاء برفقته..
طاب هعملك ساندوتش تاكله ع السريع..
لم يرد أن يحرجها فاومأ موافقا ثم تركها
و لكنه غفى دون أن يشعر من فرط التعب.
بعد قليل دلفت ندى و بيدها طبق به شطيرتين فوجدته هكذا نائم بتلك الملابس فاقتربت منه تقف بجواره و هي في حيرة من أمرها... أتوقظه ليأكل و يذهب الى حيث أخبرها أم تتركه يكمل نومه...
أدهم... أدهم..
أخدت تهزه برفق و لكنه لم يصدر عنه أي حركة و كأنه مقتول.
أنا... أنا كنت بصحيك عشان... عشان تاكل و تخرج.
في ايه يا ندى ايه اللي حصل يعني.. اهدي كدا... ليه التوتر دا كله..
ها!..
أشفق على خجلها فقام بتغيير مجرى الحديث
أنا فعلا جوعت اوي... فين السندوتشات!
انحنت سريعا لتعطيه الطبق فأخذه منها ثم قضم قطعة من احداهما و سألها و هو يلوك الطعام بفمه
هزت رأسها بالنفي
لا.. انا عملت السندوتشات بسرعة و دخلت لقيتك نايم.
هز رأسه عدة مرات و هو يتطلع اليها بسرحان فقد حقا أفقدته عقله بقربها الزائد منه...ترى هل حقا كانت توقظه أم انها فعلت معه ما فعله معها ذلك الصباح...
نفض تلك الأفكار عن رأسه ثم نهض من الفراش و هو يقول بجدية
حمحمت ثم قالت بتهرب
طاب انا هروح اشوف ماما تيسير..
أومأ و لم يعقب فهو أراد ايضا أن يهرب من أمامها بعدما بعثرت كيانه خلال تلك اللحظات و أصبح مشتتا للغاية... هل أحبته أيضا كما أحبها!....
بينما هي فرت الي غرفتها و هي تعض على اناملها من الندم... ما كان ينبغي أن تبادر هي بالقرب...ما كان ينبغي أن تلمسه...فهي المطلوبة و لا بد ألا تكون سهلة المنال هكذا..
و في تلك الأثناء تماما ...
وصلت دارين الى المقهى مبكرا عن موعدها مع أدهم لتراقب ذلك النادل الذي يدور بصينية المشروبات هنا و هناك فنادته بأدب ليقبل عليها..
أي خدمة يافندم!
ايوة.. انا فعلا عايزة منك خدمة و اللي تطلبه انا تحت امرك.
بص.. انا جوزي جاي يقابلني كمان شوية عشان في مشاكل بينا كدا هنحاول نحلها... اصل في واحدة حيوانة عملتله عمل و خطفته مني و انا عايزاه يرجعلى تاني بأي طريقة.. فأرجوك عايزاك تساعدني و كوبابة العصير بتاعته تحطله فيها من العمل دا عشان يرجعلي..
اتسعت عيني النادل باستنكار و اخذ يردد برفض
لا لا طبعا.. انا مستحيل اعمل كدا.. افرض دا سم يبقى انا كدا قټلته بايدي..
اسرعت تقول بلهفة
لا و الله ماهو سم... انا عندي استعداد اشرب منه قدامك عشان تتأكد... دا مجرد عمل او سحر يعني عشان يرجعلي.. و للأسف لو كان رضي نتقابل في بيتنا كنت اكيد مش هلجأ لحضرتك بس هو مش عايز يرجع البيت حتى نتقابل فيه و نحل مشاكلنا.. الله يخليك يا استاذ ساعدني و المبلغ اللي تطلبه انا تحت امرك... ايه رأيك تاخد ألفين جنيه!
ألفين جنيه!
قالها بذهول و هو يحك مؤخرة رأسه بتفكير فحركة كهذه لن تكلفه شيئ و لن تأخذ من وقته ثوان ستدر عليه نصف راتبه تقريبا..
حضرتك متأكدة ان دا مش سم... و ان دا مش هيضره ولا يشيلني ذنبه!
لا لا لا اطلاقا... و الله ما هيجراله اي حاجة.. دا جوزي و انا هخاف عليه اكتر من اي حد في الدنيا.
مد يده أخذ الزجاجة بتردد ثم قال بقلة حيلة
ماشي... بس هاخد الفلوس دلوقتي.
فتحت حقيبتها لتستخرج المال الذي اعدته مسبقا و ناولته اياه و هي ترسم على شفتيها ابتسامة الانتصار فأخذ منها الأموال و دسها سريعا في جيب سترته قبل أن يراه أحد ثم دس الزجاجة في جيب بنطاله..
العصير بتاعه هتحطه قدامه ناحيته بالظبط و انا بسرعة هاخد كوبيتي قبل ما الكوبايات تتبدل.
أومأ موافقا و هو يرتعش من الخۏف ثم انصرف الى زبون آخر...
في محافظة سوهاج..
كانت الأجواء احتفالية و الزينة و الأضواء الملونة منتشرة على امتداد الدوار و صوت الطبل و المزمار يغطي على أي صوت و قد انقسمت حديقة الدوار الكبيرة الى قسمين... قسم للرجال و قسم للسيدات تفصلهما حاجز كبير من قماش الخيام المزخرفة بالنقوش الاسلامية ..
و قد كان قسم الرجال مكتظ على آخره بأعيان البلدة و البلاد المجاورة و كان حمد يجلس بين الحضور بالجلباب الصعيدي فهو الزي الرسمي لتلك المناسبات.
كان يجلس و بجواره شقيقه الأكبر يستقبلان الضيوف تارة و يرقصان بالخيول تارة أخرى في اجواء حماسية للغاية.
بينما في الجهة الأخرى تجلس العروس بفستانها الذهبي و طرحتها البيضاء المزرقشة بين السيدات تراقبهن و حسب..و كانت عائشة تحثها على الرقص و لكنها لم تستجب أبدا بحجة الخجل...بينما هي في الحقيقة كانت تنتظر الاشارة من أمها..
و كانت ريم تجلس بين السيدات تصفق على تلك الاغاني الفلكلورية الخاصة بالصعيد وحده و تتابع رقص الفتيات و مستمتعة للغاية بتلك الاجواء الجديدة التي تراها لأول مرة و بالطبع رافقتها مارتينا في التصفيق و الضحك.
على الجهة الأخرى...
همس معتصم بأذن أخيه ببضع كلمات ثم استأذن من الحضور و ذهب باتجاه خيمة النساء و قبل أن يحمحم بصوت عال ليعلمن بقدومه وقف منبهرا تغمره حالة من الاعجاب حين وجد ريم تتمايل مع مارتينا و تضحك بسعادة غامرة و تصفق مرتدية فستان أبيض قصير مزين بزهور حمراء صغيرة يظهر كاحليها و لكن تغطيهما ب ليج ان طويل ابيض و تنتعل حذاء ابيض و حجاب قصير احمر فكانت مميزة و جميلة بتلك الضحكات التي زينت ملامحها المريحة... كما أنه لأول مرة يراها ترتدي شيئا آخر بخلاف البناطيل الضيقة و القمصان الطويلة... يا الهي لقد كاد يفقد عقله من فرط انبهاره بها.
سرق من الزمن لحظات يتأملها بإبتسامة حالمة و كأنه لم يكن هو...هو حقا بدأ ينسى أنه الكبير في حضرتها...
ثم سرعان ما عاد لرشده مستعيدا هيبته و وقاره و من ثم حمحم بصوت عال حتي تنتبه لهن النساء و يتوقفن عن الرقص وبالفعل قد فعلن...
أقبل على العروس التي كانت تجلس بين أمه و أمها ثم قال بصوته الغليظ
مبارك يا عروستنا.... حمد عيدخل دلوق يلبسك الشبكة...ربنا يتمم بخير ان شاء الله.
أومأت بخجل و هي تنظر أرضا و بعد قليل دلف اليهم حمد و تقدم منهن فنهضت أم صافية لتحضر علبة الذهب فجلس حمد مكانها و هو ينظر بطرف عينه الي عروسه الخجلى فقد كانت جميلة حقا و لكن آه لو اكتمل جمال وجهها بجمال عقلها..
متابعة القراءة