رواية مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
رجل نحيل بعمامة و على كتفه بندقية تبدو أطول منه ألا و هو سمعان الذي قام بركل الباب بقدمه ظنا منه أنه بذلك سيرعبها و تأتي معه كالكتكوت المبتل و لكن على من!...
إنها ريم برهام الكيلاني... تلك الطبيبة العنيدة قوية الشخصية ذات الرأس الحديدية و الصوت العالي فالكل يخشاها وهي لا تخشي أحدا سوى الله.
التفتت له و هي تناظره بعينين جاحظتين من خلف نظارتها الطبية من فرط الانزعاج ثم نزعت سماعتها الطبية من أذنيها و هتفت به بصوت جهوري
لقد اتسعت عينيه بدهشة من تلك الفتاة الجريئة سليطة اللسان و التي استطاعت أن تخرسه ولكنه ابتلع إھانتها بشق الأنفس ثم هتف بها بغلظة
اتحشمي يا مرة.. معتصم بيه امشيعني ليكي... تعالي جدامي على المضيفة يلا.
ايه قلة الذوق دي!... انت فاكرني شغالة عندك!!.. و قول للبيه بتاعك اللي عايزني يجيلي... أنا مبروحش لحد.
واه واه واه... لهو انتي عايزاني اجول للكبير الحديت الواعر ده!!.. فزي جدامي يا بت الناس انتي مش جد الكبير.. اتجي شره احسنلك.
لا.. انا قده و قد عشرة زيه... و وريني عرض كتافك... عايزة أشوف شغلي.
ريم...روحي يا ريم معاه شوفي معتصم بيه عايزك ليه... بلاش تزعليه.
في ايه يا مارتينا!.. و مين معتصم دا أساسا.. و مهما يكن هو مين ماليش دخل بيه.
اقتربت منها أكثر لتهمس لها
يا بنتي دا كبير البلد و هو الآمر الناهي فيها.. و كل حاجة بتمشي بكلمة منه.
أشاحت بوجهها للجهة الأخرة و هي تربع يديها أمام صدرها و تقول بعناد
نظر لها سمعان بغل و هو يقول بوعيد
بجى اكده!... طاب استلجي وعدك بجى يا ست الضاكتورة.
و استدار مغادرا بعدما يأس من تليين رأسها اليابس بأسلوب الترهيب خاصته.
عاد سمعان الخفير إلى الكبير رقبته متدلية إلى صدره و هو يتمتم بكلمات ساخطة و يسب تلك الفتاة التي لا يهمها أحد ولا يقدر عليها رجل.
هي فين يا عادم ناسك!
ارتجف جسده پخوف و هو يقول بنبرة مهتزة
ممم...مرضياشي تاچي معايا يا كبير... لسانها كيف المبرد عايز جطعه.
واه... كانك مجادرشي مش قادر عليها اياك... عيب على شنبك يا شيخ الغفرة... غوور من جدامي لاجتلك.
هم ليتجه نحو باب المضيفة ليخرج منها حين هتفت أمه بقلق
رايح فين يا ولدي!
توقف عن السير ليقول
رايح أعمل اللي أهلها معرفوشي يعملوه.
هملها لحالها يا ولدي...متجلش جيمتك مع بت جليلة الرباية زييها... بنتة بحري واعرين و معيكبروشي لحد واصل.
لازمن تعرف مجامها ياما...و ياني يا هي في البلد دي.
ثم انصرف مغادرا و هي تقول
چيب العواجب سليمة يا رب.
خرج من المنزل بأكمله و سار ناحية الوحدة سيرا على الأقدام يدب الأرض بقدمية پغضب جامح حيث كانت الوحدة قريبة من منزله.
حين اقترب من المبنى أتاه اتصال هاتفي فتوقف ليرد على الهاتف بعدما قام بضبط انفعالاته فقد كانت مكالمة هامة للغاية
ألو.. معالي الباشا ازيك يافندم.
.......
طبعا يا باشا هحضر الاجتماع.... دا اجتماع مهم جدا لا يمكن يفوتني..
.......
حاضر يا معالي الباشا أوامر سيادتك يافندم.
......
بس حضرتك لازم تحضر معانا العشا... وجودك هيشرفني يا معالي الباشا.
.......
تمام يافندم في رعاية الله مع السلامة.
المتحضر و عاد لجلبابه و أصله الصعيدي مرة أخرى متذكرا تلك الدخيلة التي ينوي تكسير رأسها الصلد.
حين رآه الناس و منهم مارتينا وقفوا احتراما له ثم ذهب إلى غرفة الكشف حيث تقبع ريم.
أراد أن يركل الباب بقدمه و يقتحم عليها الغرفة و لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة و قام بطرق الباب بقوة من فرط انفعاله.
فقامت بدورها لترى من هذا الأهوج الذي يطرق الباب بهذه الطريقة ففتحت الباب بسرعة و هبت بالماثل أمامها يصد عنها الهواء بانفعال بالغ و بصوتها الجهوري المعتاد
في ايه يا بني ادم انت!!...ايه قلة الذوق دي... بسمع على فكرة و الله.. حد قالك اني واقعة على وداني!!..
أخذ يناظرها بعينين تشتعلان شررا يعاينها من رأسها حتى أخمص قدميها كانت ترتدي بنطال چينز ضيق و كوتشي أبيض رياضي كنزة بيضاء طويلة نوعا ما تصل لمنتصف فخذيها و حجاب أسود صغير بالكاد يغطي رقبتها ترتدي نظارة طبية رقيقة جعلتها أكثر جمالا تخفي بها عينيها العسليتين المحددة بالكحل الأسود و تحدد شفتيها بطلاء الشفاه الوردي و حمرة بسيطة في وجنتيها ذات البشرة البيضاء فرغم صوتها العالي إلا أنها تبدو من الخارج رقيقة و جذابة تدعوك للتأمل بملامحها الجميلة طويلا.
بينما هي ازدردت لعابها بتوتر نوعا ما و خالجها شعور بالرهبة حين تبين لها أناقة ملبسه عن بقية أهل القرية فقد داعبت أنفها رائحة عطره الذكية ذات الماركة العالمية و التي تعرفها جيدا و لفت نظرها تسريحة شعره العصرية هو كله عبارة عن كتلة جاذبية مختلفة تماما عمن رأتهم حين وطأت قدماها أرض تلك البلدة.
انتي بجى الضاكتورة اللي اتچرأت و عصت أمري!!..
في الحال علمت أنه المدعو معتصم بيه فحاولت أن تتحلى بالشجاعة و ردت بنبرة أقل حدة
و انت بقى سي معتصم بيه!!.
صاح بها بغلظة و ثبات
انچري ادخلي چوا عشان فيه حساب بيناتنا هنصفيه... جولت ادخلي.
انتفض جسدها پخوف ثم سرعان ما استعادت شجاعتها لتقول
انا مسمحلكش... أنا مش الخدامة بتاعت سيادتك.
أدرك جيدا أنها من ذوات الرأس الحديدية و أن أسلوب الترهيب لن يفيد فقام بدوره بالتقدم منها كثيرا حتى كاد أن يلتصق بها و هو يناظرها بتحدي فبدون وعي منها عادت للخلف عدة خطوات باضطراب فابتسم بانتصار ثم دخل الغرفة و قام بمواربة الباب.
اجعدي
قالها بأمر فانصاعت لأمره تلك المرة حتى تنهي هذه المقابلة السخيفة من وجهة نظرها.
جلس قبالتها بالمقعد الخاص بالمرضى ثم قال بنبرة عادية نوعا ما
اسمعي يا بت الناس... انتي اهنيه مش في بحري... انتي اهنيه في الصعيد... و الصعيدي دمه حامي معيجبلش الإهانة واصل بالذات لما تكون من حرمة...أني كنت چاي و ناويلك على نية سودة... بس المرادي خليها اكده تحذير.. إنما المرة الچاية معجولش راح اعمل ايه فيكي.. عتشوفي بعنيكي الحلوين دول.
توترت أوداجها و بدأ الخۏف يتسلل إلى جوارحها فقد لمست في حديثه الجدية فقالت بنبرة ضعيفة حتى لا تثير غضبه
انت بتهددني!!.. هو دا كرم الضيافة بتاعكم!
ده مش ټهديد... جولتلك ده تحذير.. و ان كان على كرم الضيافة عايزك تسألي
متابعة القراءة