رواية مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
تلت وردها القرآني و بقيت مكانها شاردة تفكر فيما أملاه عليها أدهم بالأمس تؤلمها تلك الكذبة التي افتعلها لكي يضمن تغاضي أمه عن انفصالهما في بيت الزوجية و لكنها مضطرة لمجاراته الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
استمرت بشرودها حتى بدأت خيوط الشمس تتسلل الى الغرفة عبر النافذة لتضيئها رويدا رويدا الى أن انتبهت لوقت الشروق فأخذت تدلك رقبتها من الألم و هي تتمتم لنفسها
ثم تنهدت بقلة حيلة و نهضت من مكانها لتبدل اسدال الصلاة الى فستان قطني بسيط و مريح و في ذات الوقت لا يظهر من جسدها شيئ ثم غطت رأسها بحجاب صغير و خرجت من الغرفة لتسير بإتجاه المطبخ لتعد ثمة شطيرة تسد بها جوعها.
لم تكد تصل إلى باب المطبخ حتى استمعت الى صوت جلبة آت من غرفة أدهم فأدركت أنه قد استيقظ و ربما يتجهز الآن للذهاب الى عمله فابتسمت بحالمية و هي تفكر في شيئ ما فلا ضير من إعداد مزيد من الشطائر
بينما أدهم في غرفته حائر تائه بين ملابسه و أحذيته و أحزمته الميري الغرفة تعمها فوضة هائلة فقد كانت أمه من تعد له ملابس العمل و توفقها مع بعضها البعض حتى حذائه هي من تتولى أمره و تضعه بجوار بدلته الرسمية و ما عليه إلا أن يرتدي ما أعدته و حسب.
أخذ يزفر أنفاسه پعنف فقد ضاق ذرعا بهذا الأمر و نفذ صبره و لكن لا مجال الآن للحيرة فعليه أن يختار عاجلا أم آجلا...
صباح الخير يا ندى..
صباح النور.
صاحية بدري كدا ليه!
عادي.. أنا بصلي الفجر و مبنامش..
هز رأسه ثم ما لبثت أن تنحنحت بخجل ثم قالت
احم.. أنا سمعت دوشة جاية من قوضتك فقولت انك أكيد بتلبس عشان تروح شغلك فعملتلك ساندويتشات معايا.
يا بنتي بتتعبي نفسك ليه... أنا كنت هفطر في الشغل.
هزت كتفيها لأعلى قائلة بخجل
عادي.. أنا كدا كدا كنت بعمل لنفسي فزودت ليك.
التقط إحداها ثم قضم منها قضمة و هو يقول
ماشي يا قمر تسلم ايدك.
أجابته ببسمة صغيرة ثم بدأت تأكل على استحياء و هي تستنشق رائحته المسكرة باستمتاع فبدون وعي منها سألته بتلقائية
حانت منه ابتسامة و هو مثبت نظره على الشطائر بيده فقد فاجئته بسؤالها ثم ما لبث أن قال
دخون روز... بطلبه من دبي مخصوص اونلاين.
أومأت بحرج بعدما نهرت نفسها على سؤالها السخيف من وجهة نظرها فكثيرا ما يسبق لسانها عقلها.
عم عليما صمتا وجيزا و هما يأكلان قطعته ندى بسؤالها
توقف عن مضغ الطعام للحظة من أثر تفاجؤه بسؤالها الذي أربكه قليلا فهو لا يدري أمن الطبيعي أن يخبرها بأمر دارين أم ماذا!
و لكن سرعان ما محى آثار المفاجأة من على وجهه و استرسل بمراوغة
اه كنت معجب ببنت كدا و خطبتها فترة بسيطة بس محصلش نصيب..
صمتت پصدمة لوهلة ثم قالت
بجد!
اممم... ايه مالك مصډومة كدا ليه!
ابتلعت ريقها ثم قالت بنبرة جاهدت أن تبدو طبيعية
لا أبدا... أصل شكلك جد أوي و مش رومانسي و لا ليك في الحب فعشان كدا استغربت.
صدرت منه بسمة ساخرة و هو يقول
حتى انتي كمان بتقولي كدا!
دا مش رأيي أنا لوحدي بقى!
هز رأسه بإيماءة بسيطة فلم يرغب في الدخول في تفاصيل ولا الحديث عن أي شيئ يخص دارين.
و انتي!
باغتها بسؤاله فلم تحسب له حساب و لوهلة سكتت تفكر في إجابة تعفيها من الحرج فمن سواه الذي يمتلك قلبها منذ علم للحب سبيلا!.. و لكنها ابتلعت ريقها ثم قالت دون أن تنظر له متظاهرة بالانشغال بالأكل
قبل ما اسافر أمريكا مع بابا كنت معجبة بشاب جارنا... بس كنت لسة صغيرة... هبل مراهقة بقى.
و لما كبرتي!
التقت عيناها الحائرتين بعينيه المصوبة تجاهها بترقب تكاد تصرخ بعشقها له و لكن خشت أن تفضحها نظراتها فأخفضتهما سريعا ثم قالت بوجوم
خلاص بقى عقلت.
هز رأسه بإيماءة بسيطة ثم نظر في ساعة يده فوجدها قد دقت الثامنة فنهض و هو يقول بجدية
أنا كدا لازم أمشي.... شكرا يا ندى على الفطار.
نهضت تباعا لتقول بخجل
الشكر لله دا حاجة بسيطة.
أومأ بامتنان ثم قال
ماما كلها ساعة و هتوصل... مش هوصيكي بقى.
أومأت محاولة رسم الثبات على ملامحها حتى لا يلحظ حزنها الكامن بقلبها ثم قالت ببسمة محبة
لا إله إلا الله..
محمد رسول الله.
غادر من أمامها بينما بقيت هي تنظر في أثره بشرود و قد أخذ الحزن من قلبها مأخذه ثم سرعان ما عادت لواقعها لتأخذ الأطباق للمطبخ و تقوم بغسلها.
ألو... آسر.. بقولك النهاردة عيد ميلاد مودة و أنا أخدت عربية بابا و رايحة خان الخليلي أجيبلها هدية من هناك... انت عارف انها بتحب المشغولات و الأنتيكات اللي بتتباع هناك.
يا مچنونة انتي سواقتك زي الزفت... مستنتيش لما أخلص شغلي ليه و كنا روحنا سوا.
أنا لسة هستناك.!.. كدا هتأخر أوي و مش هلحق أعمل حاجة.
طيب يا ميري ربنا يستر... بس عشان خاطري سوقي ع الهادي كدا و خلي بالك من نفسك.
متقلقش يا حبيبي... صاحبتك قلبها مېت.. ههه.
ماهو انا مش مخوفني غير قلبك المېت دا.
خلاص بقى يا آسر متبقاش قلوق كدا.
ماشي يا روح آسر...اشتري هدية مني ليها على ذوقك.
تمام يا حبيبي.. باي بقى عشان أركز في الطريق..
أغلقت ميريهان الخط و هي تتنهد ببسمة عشق خالصة و لم تكد تعيد الهاتف إلى جوارها حتى انتبهت على صوت زامور عالي صم أذنيها ثم لم تشعر بشيئ بعدها.
بينما آسر على الجهة الأخرى أغلق المكالمة و هو يزفر بقلق لا يدري لما انقبض قلبه هكذا حين
أخبرته بأنها تقود سيارة والدها و لكنه نفض تلك الوساوس سريعا عن رأسه و هو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
انهمك آسر في أعماله فقد كان يومه حافلا بالمهام و المأموريات حتى أصابه الإرهاق فقرر أن يذهب لأدهم مكتبه يتمازحان سويا.
الباشا العريس...
هز أدهم رأسه بيأس و هو يقول پغضب
هتفضل طول عمرك طور... بتدخل من غير ما تخبط ليه يا حيوان..
لوح آسر بيده و هو يقول بسخرية
اعم انا فتحت عليك باب الحمام!
رمقه بنصف عين و هو يقول بخفوت حاد
عديم الاحساس.
ابتسم بسماجة هاتفا
حبيبي يا دومي.
هو انا بمدحك يلا!.. دا انا بوبخك..
ضړب الحبيب زي أكل الزبيب... و انا بموووت في الشتيمة.. وبخني..
أبو تقل دمك.
ها يا عريس... عامل ايه في الجواز!
رمقه أدهم بتجهم مردفا بغيظ
تعرف تنقطني بسكاتك
بادله آسر بأخرى مشمئزة هاتفا بحدة
تصدق انا غلطان اني جيت لبأف زيك... و أنا اللي كنت فاكرك هتفرفشني شوية.
رد بنبرة متهكمة
مالك يا ننوس عين ماما!
هتف به آسر بحدة
اتكلم بجد شوية بقى يا أدهم.
اعتدل أدهم في جلسته ليميل برأسه ناحية صديقه متسائلا بقلق
واد يا آسر فيك ايه!...حاسك بتحاول تتوه كدا بس شكلك مش مظبوط.
تنهد بعمق و مشاعر التيه قد احتلت ملامحه و نبرة صوته
مش عارف يا أدهم...مضايق كدا من غير
متابعة القراءة