رواية مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
أنا هاخد بناتي الاتنين و هسافر شئت أو أبيت.. و رأيك ميهمنيش و مش مستني اخد الاذن منك.
استنفرت عروق آسر پغضب جامح ليصيح بصوت حاد
أنا مش هسيبها.. انت عارف ان بينها و بين المۏت شعرة... ليه تبهدلها في السفر.. سيبها ټموت هنا قدام عيني.
أخذ محمد يلوح بيده موجها حديثه لوالد آسر
ما تلم ابنك يا سعيد... أنا حر في بناتي أنا الوحيد اللي هنا صاحب القرار... هو مالهوش أي صفة.. خطيبته خلاص ماټت... خوده بقى و امشو من هنا..
بينما كان أدهم يتابع المشاجرة بذهول... فهل حقا ميريهان ماټت!
نفض رأسه سريعا ثم تدخل ليجذب آسر من ذراعه بعيدا عن حماه فلا الوقت ولا المكان مناسبان لتلك المهزلة..
أوشك آسر على البكاء ليقول بمرارة
ميريهان خلاص مخها ماټ و كلها ساعات و القلب يقف و السر الالهي يطلع...ياخودها يعالجها برا ليه يا أدهم و العقل بيقول ان حالتها مالهاش علاج.
ربت أدهم على كتفه بمواساة و هو بالكاد يسيطر على حزنه الذي أثاره صديقه بداخله ليقول بجدية و هدوء في ذات الوقت
رد عليه بنبرة قاطعة
مش هقدر اسيبها...سفرها ألمانيا مالوش أي لازمة.. ليه عايز يبعدها عني الشوية اللي فاضلين في عمرها!!
أقبل عليهما سعيد والد آسر ليقول موضحا
هز أدهم رأسه عدة مرات ثم تطلع لآسر بعتاب
لا يا آسر مالكش حق في وقفتك و اعتراضك.. الراجل في البلاء الشديد دا و انت عمال تقاوح معاه!... يا أخي سيبه يعمل اللي في مصلحة بناته.. دا بدل ما تقوله اللي تشوفه يا عمي انا معاك فيه!
محدش حاسس بيا...ميري واخدة روحي معاها.. مش هقدر أسيبها... مش قادر.
جذبه أدهم الى حضنه ليربت على ظهره يواسيه فأطلق آسر لعينيه العنان ليفرغ ما بقلبه من حزن.. أسى... انكسار.. علاوة على ذلك الخواء الذي خلفته تلك المسكينة في قلبه ليهتز جسده من شدة البكاء.
بدأ يهدأ رويدا رويدا إثر كلمات أدهم التي نزلت على قلبه كالماء البارد فاستخرج منديل من جيبه أعطاه له فأخذه آسر منه و أخذ يجفف عينيه و هو يردد بصوت متحشرج من أثر البكاء
إنا لله وإنا إليه راجعون...
ادخل ودعها و بص عليها للمرة الأخيرة قبل ما الاسعاف ياخدها.
أومأ بخضوع ثم ابتعد عن صديقه ليسير بلا روح الى العناية المركزة يستأذن الطبيب ليودعها الوداع الأخير في حين كان محمد ينهي اجراءات سفره بابنتيه.
صدح أذان الفجر في سماء القاهرة حين أقلعت الطائرة المجهزة بوحدة عناية مركزة متحركة تقل مودة و ميريهان و والدهما و الدكتور رؤف و معهما فريق طبي لاحتمالية حدوث أي أمر غير مرغوب فيه أثناء نقل المريضتين.
و بمجرد أن أقلعت الطائرة نزل آسر على ركبتيه على أرضية المطار و بكى و كأن روحه تصعد في السماء... لا يصدق أن هذا نهاية طريقة مع من استحوذت على قلبه و ملكته بلا منازع.
نزل أدهم الى مستواه ليحيط كتفيه بذراعه و تركه يفرغ ما بنابضه... فقد امتلئ القلب حتى فاض بالحزن.
بينما ندى لم تنم ليلتها قلقا على أدهم فقد أدت صلاة الفجر و قرأت وردها و ها هي الشمس قد أوشكت على الشروق و لم يعد بعد.
خرجت لتجلس في صالة الاستقبال المقابلة للباب حتى تراه حين يعود لعل قلبها يطمئن.
غفت على الأريكة دون أن تشعر و قد كانت لازالت بملابس الصلاة و في تلك الأثناء عاد أدهم و علامات الارهاق متجلية على ملامحه ليقابل ندى و هي غافية على الأريكة.
ندى.. ندى.
فتحت عينيها بصعوبة لتقول بصوت ناعس
أخيرا رجعت يا أدهم!
انتي ايه اللي منيمك هنا!
اعتدلت لتأخذ وضع الجلوس ثم أجابته بصوت متحشرج من أثر النوم
قلقت عليك لما اتأخرت... فصليت الفجر و قعدت أستناك هنا.
حانت منه ابتسامة باهتة ثم انحنى ليجذبها من يدها لتقف قبالته ثم قال
طاب ادخلي نامي بقى... انا قدامك اهو كويس.
هزت رأسها ثم سحبت يدها من يده و من ثم سارت باتجاه غرفتها و حين تبين له ذلك سار خلفها ليستوقفها بقبضة يده على يدها و هو يقول
انتي رايحة فين!
أجابته ببراءة
رايحة أنام في قوضتي..
أدارها لتقف في مواجهته ثم رفع يديه لمستوى رأسها ليقوم بفك حجابها و هو يقول
احنا مش اتفقنا اننا هننام في قوضة واحدة!.. و شعرك دا ميتغطاش قدامي!
أطرقت رأسها بخجل
انت مقولتش اننا هننام في قوضة واحدة.
صدرت منه ضحكة بسيطة ثم قال بمكر
أومال احنا هنتجوز ازاي!.. هنتجوز عن بعد مثلا!
احمرت وجنتيها خجلا و هي تنظر له بجحوظ ثم تهربت بعينيها من النظر بعينيه فازدادت ضحكاته أكثر من ذي قبل ثم رأف بحالة التوتر التي أصابتها بالتزامن مع خجلها الزائد و أخذها من يدها و سارا سويا باتجاه غرفته و قد سارت معه بلا اعتراض.
أنا هدخل الحمام أخد شاور و اتوضى عشان أصلي وانتي خودي راحتك.. اعتبري نفسك لوحدك في القوضة.
أومأت بصمت و بمجرد أن اختفى عن ناظريها خلعت اسدالها لتظهر تلك البيچامة البيضاء من الستان التي أظهرت ذراعيها ثم تمددت على أقصى طرف الفراش و تدثرت جيدا بالغطاء الخفيف بعدما ضبطت درجة حرارة المكيف على البارد و دون أن تشعر هوت في سبات عميق... فأحداث اليوم لم تكن بالقليلة ما جعلها تهرب من تلك البداية الجديدة بالنوم.
بعد عدة دقائق خرج أدهم من المرحاض مرتديا ملابس النوم فتفاجئ بها نائمة بأقصى الفراش و كأنها على حافة السقوط ليضحك بسخرية و هو يهز رأسه بيأس ثم قام بفرد سجادة الصلاة ليؤدي صلاته و بعدما انتهى تمدد بجوارها ثم أخذ يتأملها قليلا و صديقه آسر و فقدانه لحبيبته مازال يحتل تفكيره واتته مشاعر غريبة لم يختبرها من قبل حين تخيل أنه يمكن أن يفقدها شعر بأن قلبه يكاد ينخلع من موضعه ان حدث معه ذلك... فأغمض عينيه يستعيذ بالله من تلك الوساوس.. و دعى ربه بألا يذيقه مرارة الفقد... فمذاقها أمر من الحنظل.
ربنا يخليكي ليا يا ندى..
ترك شعرها ثم عاد لينام بالطرف الآخر تاركا بينهما مسافة مناسبة
متابعة القراءة