صرخات انثى آية محمد رفعت
المحتويات
قط بينما من خلفه يقف جمال عينيه تكاد تخرجان من مكانهما على الجهاز يتأمله ببسمة واسعة ولجواره كانت تقف ليلى تبتسم وهي تشاهد صورة الشاشة وخاصة حينما حرك يوسف الجهاز على أجزاء من جسد الرضيع التي بدأت بالتكوين مشيرا
_دي الايد أهي ودي رجليه.
رددت صبا بحماس
_هو ولد
قال دون أن يتطلع لها
_مش هقدر أكدلك غير في الاعادة إن شاء الله يا مدام صبا.
_أيه يا عم قارفني حتى هنا!
لكزه جمال پغضب
_ما تظبط الكلام يالا بدل ما أظبطك أنا.
_أهو كده شايف! أكيد هتطلع او هيطلع سمج زي أبوه مرضي كده يا عم! مش كفايا مخليني افتحلك العيادة مخصوص عشانك انت وابنك!
تعالت ضحكات صبا باستمتاع فاليوم كان مميز لها يكفيها بأنه سمح لها الدخول لدائرة أصدقائه للتعرف عليهما وعلى زواجاتهما عن قرب.
_ربنا يكملها على خير ويجعله خلف صالح ليك يا حبيبي.
أجابه بتأثر
_يا رب يا يوسف وعقبال ما نشيل خلفك.
اخترق الألم قلبها لسماع دعوته المرهفة فعلمت الآن ماذا يخوض زوجها طوال تلك الفترة من زواجهما ولكن شملتها سعادة كونها تخلت عن عقار منع الحمل منذ اليوم الذي جمعهما بعيادتها الجديدة وتابعت يوسف باهتمام لتجده يمنح رفيقه ابتسامة مشرقة وقال
أسبل بجفنيه بعدم تصديق
_بجد
هز الأخير رأسه موكدا ورفع من صوت الجهاز ليعلو لهم صوت الجنين فتسللت البسمات الوجوه وخاصة صبا التي بدت لا ترغب بنزع الجهاز عن بطنها وقضاء يومها بأكمله تستمع للنبضات وترى صورة جسده الغير مكتمل بعد.
خطڤ يوسف نظرة سريعة لزوجته فوجدها تراقب الشاشة بنظرات حالمة مهتمة عاد يتطلع امامه وهو يبتسم ويهمس بصوت غير مسموع
انتهى الفحص وقام يوسف بتدوين بعض الادوية والمكاملات الغذائية التي تعاونها بتلك الفترة من الحمل وخصص لها موعد بعد اسبوعين من الآن لتقوم بمتابعة مستمرة لحين موعد ولادتها.
خرجوا معا مجددا فعاون جمال يوسف باغلاق الباب الحديدي الخارجي للعيادة وهبط معا للسيارة ليقوم جمال بتوصليهما أولا وما أن وصل للعمارة حتى انحنى يوسف لجمال يخبره
ضحك وغمز له
_هي السهرة تحلى من غيره عيوني هبلغه.
منحه الاخر ابتسامة هادئة واتبع زوجته للداخل بينما تحرك جمال بزوجته للمنزل.
شفتيها ملتصقة ببعضهما ومع محاولتها العديدة لنزعهما عن بعضهما البعض باءت بالفشل أرادت الصړاخ ولكنها لا تنصاع إليها جسدها ينتفض بقوة مع سماع ذاك الصوت القاټل لها ولم يكن سوى صوت تمزق الثوب الذي ترتديه دموعها لا تفارق مقلتيها وتوسلاتها لا تفارق حركة جسدها المنتفض ثلاثون دقيقة تعافر بهم للخروج من تلك الحالة القاټلة وبالرغم من أن عقلها الباطن يهييء لها أن صوتها مكمم لا يخرج عن حلقها الا أن الحقيقة كانت معاكسة لذلك فلقد تحرر صوتها بصړاخ قابض خرج لأجله أحمد من غرفته ومايا وعمران الذي خرج بالمنشفة يزيح قطرات العرق عن جبينه فدنى وهو يستند على الحائط من عمه الذي تساءل بقلق
_في أيه
أجابته مايا پخوف يسيطر على رعشة صوتها
_معرفش يا عمي أنا خرجت على صوت الصړيخ ده!
قال عمران وهو يتلصص لسماع الصوت بحيرة
_أعتقد ده صوت فاطيما!!
اتجهت مايسان لباب غرفتها ترهف السمع وحينما تأكدت اتجهت لمحلهما تردد
_فعلا ده صوتها.
رفع عمران حاجبيه ساخطا
_ومستنية حد فينا يدخلها! ادخلي شوفي في أيه
قالت بحرج من نظراتهما المسلطة عليها
_افرض علي جوه!
رد عليها أحمد وهو يتجه لغرفة علي المجاورة لفطيمة
_كان زمانه قام أول واحد.. علي نومه خفيف!
ولج لغرفته فوجد الفراش مرتب لم يمسه أحد فتساءل عمران باستغراب
_هيكون راح فين!
أشار أحمد لمايسان
_روحي يا بنتي شوفيها وإنت يا عمران اتصل بعلي شوفه فين
افترض محله بعدما جمع علامات استفهام سؤاله
_علي مخرجش ممكن يكون عند شمس هشوفه وراجع.
انتظر أحمد أمام باب الغرفة بالخارج فجابها ذهابا وإيابا بقلق شديد يعتريه كلما على صړاخها أقوى من السابق فتفاجئ بفريدة تقترب منه متسائلة بحيرة
_في أيه يا أحمد وأيه الصوت ده
ذم شفتيه بضيق مما سيحدث هنا الآن وبالرغم من ذلك قال
_فطيمة شكلها شايفة كابوس من ساعتها بتصرخ وعلي مش فاهم اختفى فين دلوقتي وهو عارف حالتها!
منحته نظرة ساخرة ورددت باقتضاب
_عندك حق مينفعش يسبلنا المچنونة دي كده ويختفي وبعد اللي بيحصل ده يرجعها مستشفى الامړاض العقلية أفضل من الفضايح اللي هتحصلنا دي.
صفق كفا بالأخر بقلة حيلة
_ده وقته يا فريدة!
تسلل للداخل على أطراف أصابعه فارتسمت على شفتيه ابتسامة صافية وهو يراقب شقيقته تغفو على صدر علي الذي يحتضنها بحنان ابتسم عمران وانحني يقبل جبهة أخيه ومن ثم منح شمس قبلة على وجنتها وهمس بحزن
_طب كنتوا خدوني معاكم!
وحينما تذكر حالة فاطمة اتجه يحرك علي بحذر ففتح الأخير عينيه بانزعاج
_عمران! خير
همس له وهو يتفحص شمس
_مش خير خالص يا قلب أخوك قوم معايا ووطي صوتك عشان بنتك متصحاش.
منحه نظرة محتقنة وعاد يضمها إليه ويغفو دون أن يعبئ به فجذبه عمران مجددا قائلا بجدية
_بقولك قوم في کاړثة برة
نقلها علي للوسادة ببطء ونهض ليتجه له فاندهش حينما اتجه عمران لمحله وأشار له مدعيا الألم
_ارفع رجلي بس بهدوء.
انصاع له علي وعاونه على التمدد بشكل مريح وهو يراقبه بغيظ قد أوشك به على قټله ولكنه يعلم بأنه سيلقي القنبلة المؤقتة حتما ولكن بعدما يقوم باستفزازه كالمعتاد من هذا الوقح.
جذب عمران شمس إليه ليضمها مثلما كان يفعل علي ورفع عينيه له قائلا
_حلو الحضن ده يهون قسۏة العيشة المرة معاكم.
وأغلق عينيه يستسلم للنوم وهو يتابع بحزن مصطنع
_البت دي بتفضلك عليا معرفش ليه حاسس أنها بتخبي سر حربي عننا يمكن تكون اكتشفت إني مش أخوها مثلا! بس ازاي والراجل ودع بدري وملحقش يتجوز غير فريدة! هكون ابن مين مثلا!!!
وطبع قبلة على جبين شمس ثم مال برأسه فوق رأسها وأغلق عينيه مجددا غير باليا بمن يتابعه بنظرات قاټلة تكاد تجعله كالديناصور الذي سيبصق النيران من فمه تجاه هذا اللعېن بأي لحظة بينما تمتم عمران وقد اتشح بوشاح النوم فعليا
_ابقى فكرني الصبح نعمل تحليل DNA أتاكد إني أخوكم بجد لإن اللي بيحصل هنا ده قاسې!
فقد علي صبره فانحنى تجاهه واضعا يده حول رقبته ويحاول جذبه عن الفراش بها فصاح الاخير يحذره
_إياك البت هتصحى!
وتابع ليخلص ذاته
_أنا جيت أقولك ان فاطيما بتصرخ جامد وشوية كمان وفريدة هانم هتطردك إنت وهي برة البيت كل عيش يا دكتور!
تحررت يده عن عنق أخيه وهرول من أمامه كأن شبحا مسه للتو بينما عاد الاخير يتمدد جوارها من جديد ليغفو هو الأخر جوارها.
تعالى صوتها بشكل مقبض مما دفع فريدة للدخول لمايا التي أخبرتهما بأنها عاجزة عن تهدئتها فولجت الاخيرة تردد پغضب
_الجيران هيطلبوا الشرطة لو مبطلتش صړيخ وآ..
ابتلعت فريدة كلماتها داخل جوفها حينما رأت جسد فاطمة متجمد عينيها مغلقة بقوة ورأسها يلتفت هنا وهناك بعصبية مفرطة والورم يحيط بجفونها من كثرة البكاء وخذ قلبها ووقفت على عتبة الباب تتطلع لها بدهشة.
استكملت طريقها للداخل لتقف جوار مايا التي تتابعها پبكاء فازدردت ريقها الجاف بصعوبة
_روحي يا مايا شوفي علي فين بسرعة.
هزت الأخيرة رأسها وهي تراقب نظرات فريدة الغريبة بعدم استيعاب واندفعت للخروج من الباب ولكنها توقفت حينما كادت بالاصطدام بعلي الذي ولج للداخل راكضا ليسرع للفراش لاهثا.
تفحصها جيدا بنظرة سريعة شمل بها حالتها لا يستطيع الدواء تخفيف وطأة الحالة الحرجة التي تخوضها فاطمة الآن لذا أسرع لغرفته قاصدا البراد الصغير بها وجذب منها الآبرة التي يحضرها لحدوث أمرا طارئ هكذا ثم عاد راكضا لغرفتها يبعد كم البيجامة عن يدها ويسدد الأبرة بورديها بتريث.
راقبته فريدة باهتمام وعادت تسحب نظراتها لفاطمة فوجدتها مازالت تنتفض بشراسة فقالت بحزن لم تستطيع اخفاءه
_لسه بترتعش ليه يا علي مش الحقنة المفروض تشتغل
كان بحالة عدم وعي لا يشغله سوى التفكير بمحاولة لايقاظها فقط لسانه يردد وعينيه تراقب وجهها
_مش على طول كده!
وحاوط وجه فاطمة بيده ثم رفعها لصدره فاستقر رأسها جوار رقبته نادها بصوت قوي
_فطيمة فتحي عيونك يا حبيبتي.. سامعاني.
جاهدت لفتح عيونها فخطفت صورة له وعادت لدوامة ظلامها فتجده داخلها أيضا رائحة ملابسه تدفعها للشعور به حتى الهواء الداخل لرئتيها كان مندفع من أنفاسه.
كسرت حاجز صمتها المخيف ودموعها لا تتركها مرددة بعدم وعي
_علي متسبنيش يا علي.
ضمھا إليه پعنف وكأنه لقائهما الأخير فهمس لها بحزن خيم على صوته المبحوح
_عمري ما هسيبك يا فاطمة لو ده أخر يوم في عمري هقضيه ثانية ثانية معاك.
عادت تهمس له پبكاء
_خليهم يبعدوا عني متخليش حد يقربلي!
تعالت شهقات مايسان وهي تراقبها بهذا الحال لأول مرة فرفعت كفها المرتعش تكبت صوتها الباكي وتابعتها بشفقة قبل أن تخرج رافضة عدم القسۏة على قلبها الذي ينهار لرؤية ذاك المشهد.
أحاطها بذراعيه بقوة وقال بعدما فقد القدرة على السيطرة على دمعاته فانهمرت على وجه فاطمة القريب من أنفاسه وردد باكيا
_مفيش حد هيلمس منك شعرة طول ما أنا على وش الدنيا مش هيتكرر تاني يا فطيمة اللي حصل مش هيتكرر تاني أوعدك.
وترجاها پألم يكاد ېمزق أضلعه
_عشان خاطري افتحي عيونك ده كابوس أول ما هتفتحي عيونك هتلاقيني جنبك.
إلتمعت تلك الدمعة الخائڼة بعينيها وهي تتابع أمامها ما يحدث لها ناهيك عن تلك الكلمات الطاعنة التي تفوه بها ابنها أمام أعينها شعرت بوخزات حادة تطول صدرها المشتعل فانسحبت خائڼة الخطى للخارج بتأثر فوجدت أحمد يسرع إليها متسائلا
_ها يا فريدة فاقت
هزت رأسها نافية ومازال وجهها منغمس أرضا بحالة جعلته يتساءل مجددا
_ مالك يا فريدة
رفعت عينيها الباكية إليه ورددت
_البنت صعبانه عليا أوي يا أحمد منظرها يقطع القلب.
رفع احد حاجبيه باستنكار وكأنه يعلم حلما سخيفا عساه يتوهم هو الأخر أراد أن يشن حملة جمله الماكرة والشامتة إليها ولكنها لم تترك له المجال فانسحبت للاسفل قاصدة جناحها.
صفق أحمد كف بالأخر مرددا بسخرية
_مكدبش اللي قال إن المرأة صندوق أسرار مالوش قرار!!
ذهق النهار ظلام الليل فصدح منبه الهاتف ليزعج
متابعة القراءة